
🌿 تأملات قرآنية | "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ" 🌿
سورة الأنفال – الآية 60
🌟 آية تُحيي الهمة وتبعث القوة
في عالمٍ تتلاطم فيه الأمواج، وتتسارع فيه التحديات، تأتي هذه الآية الكريمة كنورٍ يهدي وصوتٍ يوقظ:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾
نداءٌ إلهيٌ خالد، يخاطب الأمة المؤمنة عبر العصور، داعيًا إياها للاستعداد بكل ما تملك من قوى، سواء كانت مادية أم معنوية، لتواجه التحديات وتحمي كرامتها.
🛡️ تفسير الآية ومرادها
قال تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60].
يقول ابن كثير رحمه الله:
"أي مهما أمكنكم من القوة، فأعدّوها لهم من آلة الحرب."
وأما النبي ﷺ فقد فسر القوة بقوله:
"أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ"
📘 رواه مسلم (1917).
القوة هنا ليست محصورة في السلاح الحربي، بل تشمل كل أشكال القدرة التي تجعل الأمة عصية على الانكسار:
-
قوة الإيمان التي تُربي النفوس على الصبر والثبات.
-
قوة العلم التي تبني عقولًا مبدعة ومبتكرة.
-
قوة الاقتصاد التي تحقق الاستقلال والتنمية.
-
قوة الوحدة التي تجمع القلوب على هدفٍ واحد.
🌱 رسالة معاصرة: فقه الإعداد في ميزان الإيمان
اليوم، حين نتأمل هذه الآية، ندرك أن الإعداد لا يعني الحرب فقط، بل هو مشروع بناء متكامل يبدأ من القلب والعقل، ويمتد إلى المجتمع بأسره.
-
إعداد النفس بالإيمان واليقين، فالقلب الذي امتلأ ثقةً بالله هو أقوى من ألف سلاح.
-
إعداد العقول بالعلم والفهم، فالعلم سلاحٌ لا يُهزم، به تُفهم السنن، وتُبنى الحضارات.
-
إعداد الجوارح بالطاعة والعمل، فالأمة لا تنهض بالشعارات، بل بالجهد والبذل.
-
إعداد الصفوف بالوحدة والتماسك، فتماسك الأمة أعظم من عتادها، كما قال ﷺ:
"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"
📘 رواه البخاري (481) ومسلم (2585).
وهكذا يُصبح كل فرد في الأمة جنديًا في ميدان الإعداد… بقلمه، بخلقه، بعمله، بدعوته.
قال الشاعر:
إذا غفلَتْ عن العِدَّةِ الأقوامُ، جاءتها المِحَنْ
ولا ينفعُ الندمُ إذا طاشتْ سهامُ الزمنْ
الإعداد مسؤوليةٌ تبدأ من الفرد وتمتد إلى الأمة بأسرها.
وفي الختام دعوة إليك:
تأمل هذه الآية العظيمة، واسأل نفسك:
ما هي القوة التي تمتلكها؟
هل هي قلمٌ يكتب؟ صوتٌ ينصح؟ يدٌ تبني؟ عقلٌ يبتكر؟
💬 شاركنا رؤيتك في التعليقات: ما الذي يجب على أمتنا إعداده اليوم لتنهض؟
هل هو التعليم؟ الاقتصاد؟ الإعلام؟
كلمتك قد تكون شرارة التغيير!