
(وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصۡوَاتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ)
[لقمان: 19]
في خضم زحام الحياة، قد نغفل أن كل خطوة وكل كلمة محسوبة. آية واحدة من كتاب الله قد تهدينا سبيل الرشد، وتضبط مسلكنا في الحياة. في سورة لقمان، يوصي الحكيم ابنه بوصايا خالدة تحمل آداب المشي والكلام، داعيًا إلى التوازن والوقار في السلوك الظاهر والباطن.
📖 شرح الآية وآدابها:
"وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ"
أي سِر باعتدال وتوازن، لا بالخُيلاء (التكبر في المشي) ولا بالتخاذل والكسل. اختر طريقًا وسطًا يعكس الوقار والتواضع. قال ابن كثير: "امشِ باعتدال، لا تُسرع كالمُخلّين، ولا تُبطئ كالمفرّطين."
كان النبي ﷺ يمشي بهدوء وعزم، كما وصفه البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان إذا مشى كأنما ينحط من صَبَبٍ" [رواه مسلم]، أي يسير بقوة وثبات دون تكلف.
"وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَ"
أي اخفض صوتك (الغض: التخفيض) ولا ترفعه فوق الحاجة، فذلك من سوء الأدب. ثم جاء التمثيل بصوت الحمار، واصفًا إياه بأنه "أَنكَرَ ٱلأَصۡوَاتِ"، أي أقبحها وأكثرها إزعاجًا.
قال القرطبي: "رفع الصوت بلا حاجة يُشبه صاحبه بالحمار."
وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "كنا مع النبي ﷺ في سفر، فكنا إذا علونا كبّرنا، فقال: يا أيها الناس! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمًا ولا غائبًا" [رواه البخاري ومسلم].
💬 رسالة معاصرة:
!ما أحوجنا لهذه الآداب في حياتنا اليومية
-
في المشي: كم من شاب يسير مختالًا في الطرقات، أو فتاة تمشي بتباهٍ دون وقار! الاعتدال في المشي يعكس تواضع القلب، سواء في الأسواق، أماكن العمل، أو حتى في المنزل.
مثال عملي: عند دخولك المسجد، امشِ بهدوء وتأنٍ، متجنبًا الإسراع الذي يُفقدك الخشوع. -
في الكلام: الصوت المرتفع في المواصلات، المجالس، أو حتى على منصات التواصل الاجتماعي قد يُزعج الآخرين.
مثال عملي: إذا كنت في مكالمة هاتفية بالمواصلات العامة، اخفض صوتك احترامًا لمن حولك. -
هذه الآداب ليست رفاهية، بل عبادة تُقربنا إلى الله وتُحسن علاقاتنا بالناس.
قال الشاعر:
لا تمشِ مرحًا وارضَ بالقصدِ فإنَّهُ
أزينُ للمرءِ إنْ أرادَ الجمالا
لقمان علّم ابنه أن الجمال الحقيقي في التوازن والوقار. فلنعيد النظر في خطواتنا وأصواتنا!
📌 شاركنا في التعليقات:
-
موقف تعرضت فيه لصوت مرتفع أزعجك، وكيف تعاملت معه؟
-
كيف يمكن تطبيق هذه الآداب في منشوراتك على وسائل التواصل؟
اللهم زَيِّنّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُدَاةً مهتدين.