توقف لحظة! أي الفريقين تختار؟

توقف لحظة! أي الفريقين تختار؟
2025/12/13

في مشهدٍ من مشاهد يوم القيامة، يُصوِّر سبحانه وتعالى مآل المتقين وعاقبة المجرمين، فقال: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا*وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم:85-86].

ففي هذا اليوم يوم يجمع الله تعالى الذين اتقوا في الدنيا فخافوا عقابه، واجتنبوا معاصيه، وأدوا فرائضه إلى جنة ربهم ودار كرامته.  

ولاختيار اسم (الرَّحْمَنِ) الدال على عموم الرحمة في هذه السورة شأن، ولعله لأن مساق هذا الكلام فيها لتعداد نعمه الجسام وشرح حال الشاكرين لها والكافرين بها.

 ويُراد بالوفد: الركبان، فهم يركبون من أول خروجهم من القبور، حتى يقرعون باب الجنة.

قال عليّ رضي الله عنه:

"أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقًا، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة".

فالمتقون له -باتقاء الشرك والبدع والمعاصي- يحشرهم إلى موقف القيامة مكرمين، مبجلين معظمين، مآلهم الرحمن، وقصدهم المنان، وفودًا إليه، والوافد لابد أن يكون في قلبه من الرجاء، وحسن الظن بالوافد ما هو معلوم.

فهم يفدون إلى الرحمن، راجين منه رحمته وعميم إحسانه، والفوز بعطاياه في دار رضوانه، وذلك بسبب ما قدموه من العمل بتقواه، واتباع مرضاته، وأن الله عهد إليهم بذلك الثواب على ألسنة رسله فتوجهوا إلى ربهم مطمئنين به، واثقين بفضله، وفي ذلك من عظيم البشارة ما فيه!

ولما ذكر سبحانه وتعالى ما يدل على كرامة أوليائه، أتبعه ما يدل على إهانة أعدائه، وهم المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم، فإنهم يساقون عنفًا بإهانة واستخفاف كأنهم نَعَمٌ عطاش تتقطع أعناقهم من العطش تُساق إلى الماء.

وهذا أبشع ما يكون من الحالات، سوقهم على وجه الذل والصغار إلى أعظم سجن وأفظع عقوبة، وهو جهنم، أعاذنا الله تعالى منها برحمته، في حال ظمئهم ونصبهم يستغيثون فلا يُغاثون، ويدعون فلا يُستجاب لهم، ويستشفعون فلا يُشفع لهم.

فلينظر ما بين الحالين من الفرق العظيم!

وهاهنا يقال: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٧٣] .

قال رسول الله ﷺ:

(يُحشَرُ النَّاسُ يومَ القيامةِ، على ثلاثِ طرائقَ، راغبينَ راهِبينَ، اثنانِ على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ، وعشرةٌ على بعيرٍ، وتحشُرُ بقيَّتَهمُ النَّارُ، تَقيلُ معَهم حيثُ قالوا، وتبيتُ معَهم حيثُ باتوا، وتصبحُ معَهم حيثُ أصبَحوا، وتُمسي معَهم حيثُ أمسوا).

اللهم احشرنا وفدًا إلى الرحمن غير خزايا ولا مفتونين

أمِّن في تعليقك

 

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة