﴿وَلَيْسَ الْبِرٌ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾.. وقفة تعلمنا معنى البر الحقيقي!

  ﴿وَلَيْسَ الْبِرٌ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾.. وقفة تعلمنا معنى البر الحقيقي!
2025/05/18

هل توقفتَ يومًا أمام آية من كتاب الله وتساءلت: ما السرّ الكامن خلف كلماتها؟ لماذا نزلت؟ وماذا تحمل لي من رسالة؟
في هذه الفائدة، نقف عند آية من سورة البقرة، تُعيد ضبط البوصلة، وتعلّمنا أن البر لا يُقاس بالمظاهر، بل بصدق الاتباع ونقاء القلب.

قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الْبِرٌ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة: 189]

🔍 سبب النزول:

روى المفسرون، منهم ابن كثير والطبري، أن العرب في الجاهلية كانوا إذا أحرموا بحج أو عمرة، لا يدخلون من أبواب بيوتهم، بل من خلفها، معتقدين أن ذلك من البر والتقوى.
فنزلت هذه الآية لتصحّح المفهوم، وتؤكد أن البر ليس في المظاهر ولا في التقاليد الباطلة، بل في طاعة الله وتقواه.

 البر جوهر لا مظهر

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:"البرّ الحقيقي ما وافق أمر الله، لا ما وافق هوى النفس أو عادة الآباء."

فالآية تعلّمنا أن نُعيد النظر في أقوالنا وأفعالنا، ونجعل المعيار: هل هذا يُرضي الله؟ أم يُرضي الناس فقط؟

الاتباع لا الابتداع

ما فعله العرب قبل الإسلام من الدخول من ظهور البيوت بدعة، أنكرها الوحي. وهذا أصل عظيم في الدين: أن كل عبادة أو سلوك لا أصل له، فهو مردود.

قال ﷺ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" 📚 رواه البخاري (2697) ومسلم (1718)

↩️ أي مرفوض، ولو نوى صاحبه الخير، فالنوايا الصادقة لا تُغني عن الاتباع الصحيح.

🛡️ التقوى ميزان البرّ

قال تعالى:﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى﴾

فليس البر في اللباس أو المظاهر، بل في الخوف من الله، ومراقبته في السرّ والعلن.

قال الحسن البصري رحمه الله:

"ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل."

وقفة أدبية

وليسَ البرُّ أن تلبسَ ثوبًا وتُظهرُ للهِ خشوعَ الجبينِ
ولكنَّ البرَّ قلبٌ تقيٌّ وعملٌ في الخَفَا غيرُ مِينِ

كثير من الناس اليوم يظنون أن بعض العادات الدينية الموروثة هي من البر، كتعليق التمائم، أو تكرار أذكار دون فهم، أو المشاركة في طقوس لا أصل لها.
وهنا يأتي ضوء الآية: البر الحقّ ما دلّ عليه الدليل، لا ما توارثه الناس.

✉️ رسالة معاصرة:

في زمنٍ اختلطت فيه القيم، وتشابكت فيه الأصوات، تحتاج هذه الآية أن تُسمع من جديد.
فكثيرون يركضون خلف مظاهر التدين، من لباس أو كلمات أو شعارات، ويغفلون عن حقيقة البر: النية الخالصة والعمل الصادق وفق منهج الله.

هذه الآية توجه خطابها لكل شاب وشابة، لكل داعية وطالب علم، بل لكل إنسان:
"لا تُخدع بالمظهر، بل قِف أمام الله بقلبٍ تقي، وعقلٍ واعٍ، واتباعٍ نبوي."

وختاما أخي الكريم

هذه الآية ليست فقط تاريخًا نزل في قومٍ من الجاهلية، بل رسالة خالدة إلى يوم القيامة:
أَدخلوا من أبواب البرّ الحقيقية... من أبواب الطاعة، من أبواب الاتباع، من أبواب التقوى.

فلنجعل كل باب نطرقه في حياتنا من أبواب الحق، لا من ظهور الجهل والعادة.
اللهم ارزقنا برًا يُرضيك، وتقوى تُنجينا، واتباعًا لنبيك ﷺ لا نحيد عنه أبدًا.

شاركنا في التعليقات

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة