
سورة الكافرون، إحدى السور المكية قليلة الآيات، لكنها تحمل في طياتها أصلاً عظيماً من أصول الدين الإسلامي: وهو البراءة المطلقة من الشرك عقيدةً وعبادةً، وتوحيد العبادة لله وحده.
وفي هذه الفائدة نتعرف أكثر عن سورة الكافرون:
سُورةُ الكافِرونَ مكِّيَّةٌ، وآياتها (6) آيات، وترتيبها في المصحف رقم (109)، وترتيبها في النزول رقم (18)؛ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْمَاعُونِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْفِيلِ.
أسماء السورة:
لها 6 أسماء: اثنان توقيفيان، والبقية أسماء اجتهادية؛ وهي كالتالي:
1- سورة الكافرون (توقيفي): وسُمِّيت السورة به على حكاية لفظ (الكافرون) الوارد في أولها: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾.
2- سورة ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ (توقيفي): وهي تسمية للسورة بأول آية افتُتحت بها. فعن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يُوتِرُ بثَلاثٍ، يَقرأُ في الأولى بـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وفي الثَّانيةِ بـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وفي الثَّالثةِ بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» [أخرجه الترمذيُّ (462)، والنَّسائيُّ (1702)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (1702)]
3- الـمُقَشْقِشَة (اجتهادي): سُمّيت به لِأَنَّهَا تُقَشْقِشُ، أَيْ تُبْرِئُ مِنَ الشرك والنفاق، وهذا الاسم مشترك بينها وبين سورتي التوبة والإخلاص.
4- الإخلاص (اجتهادي): سُمّيت به لأنها تُخلِّص في اعتقادها والعمل بها من الشرك والنفاق، وهذا الاسم مشترك بينها وبين سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.
5- العبادة (اجتهادي): سُمّيت بذلك لأنها اشتملت على أمر الله - تعالى - لرسوله ﷺ بأن يعلن للمشركين بأنه لا يعبد ما يعبدون من الأصنام والأوثان.
6- الدِّين (اجتهادي): سُمِّيت بذلك لقوله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
مقصد السورة:
قال ابن القيم -رحمه الله- عن سورة الكافرون: «فمقصودُها الأعظم هو البراءة المطلقة بين الموحدين والمشركين» [بدائع الفوائد (1/ 243)]
وأوضح في موضع آخر: «وَسُورَةُ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فِيهَا إِيجَابُ عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ (لَا شَرِيكَ لَهُ) وَالتَّبَرِّي مِنْ عِبَادَةِ كُلِّ مَا سِوَاهُ» [اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 94 ت المعتق)].
موضوعات السورة:
مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ:
أمْرُ الله تعالى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُعلِنَ بَراءَتَه مِن الكافِرين، وأن يَنفِيَ عِبادتَه لمَعبُوداتِهم الباطِلةِ، ويَنفِيَ أن يَكونوا عابِدينَ للإلهِ الحقِّ الَّذي يَعبُدُه، وأن يُعلِنَ بَراءتَه مِن دِينِهم، فلَهُم دِينُهم وله دِينُه. [التفسير المحرر]
فضائل السورة:
1-كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في الركعة الثانية من وتره، كما مرَّ بنا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
2- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها وبـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في ركعتي الفجر والمغرب، ويقول عنهما: "نِعْمَ السُّورَتانِ هُما".
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: «رَمَقْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ مَرَّةً، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» [صحيح سنن النسائي (948)].
وعن عائشةَ رضيَ الله عنها، قالت: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُصلِّي... ركعتَينِ قبْلَ الفَجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورَتانِ هُما، تَقرَؤُونَهما في الرَّكعَتَينِ قبْلَ الفَجرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ». [صحيح ابن ماجه(950)]
3- يُستَحَبُّ قِراءتُها عندَ النَّومِ؛ فعن نَوْفَلٍ الأَشْجَعيِّ رضيَ الله عنه:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: اقرَأْ عندَ مَنامِك قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، قال: ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها؛ فإنَّها بَراءَةٌ مِن الشِّرْكِ. [صحيح سنن أبي داود (5055)]
4- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «… مَنْ قَرَأَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) عُدِلَتْ لَهُ بِرُبُعِ القُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ القُرْآنِ» [رواه الترمذي (2893)، وحسنه الألباني]
5- عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، قَالَ:
لَدَغَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقْرَبٌ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ، لَا يَدَعُ مُصَلِّيًا، وَلَا غَيْرَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَيَقْرَأُ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)» [رواه الطبراني في الصغير (830)، والأوسط (5890)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (548)]
من تأمل سورة الكافرون أدرك أنها سورة صغيرة في المبنى، عظيمة في المعنى، كما أن معرفة هذه الأبعاد العميقة للسورة، من أسمائها ومقصدها العظيم وفضائلها المتعددة، يدفع المسلم لتدبرها والحرص على قراءتها والعمل بمقتضاها.
🚨 شارك هذه الفائدة لتعم الفائدة وتنشر الوعي بأعظم مقاصد سورة الكافرون وفضائلها العظيمة 🕊️