
مقدمة
سورة الملك تستمر في إلهام القلوب وتعزيز الإيمان من خلال التذكير بقدرة الله اللامحدودة، وحكمته، ورحمته. هذه الآيات تدعو العبد إلى التأمل في علم الله الشامل، رحمته الواسعة، وسلطانه المطلق، مع التأكيد على أهمية التوكل عليه والإيمان بقدرته. لتعميق حفظك وفهمك لهذه السورة المباركة، افتح الآن شاشة التحفيظ في تطبيق مصحف المدينة.
فضل سورة الملك من الأحاديث النبوية
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر» (رواه الترمذي، رقم 2890، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم 3656).
كما روى أبو هريرة رضي الله عنه: «إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غُفر له: {تبارك الذي بيده الملك}» (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، رقم 1469).
تحث هذه الأحاديث على المداومة على تلاوة سورة الملك لنيل الحماية والشفاعة يوم القيامة.
تفسير الآيات (26-30)
الآية السادسة والعشرون: {قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26)}
ترد هذه الآية على استهزاء الكافرين الذين يطالبون بموعد يوم القيامة، مؤكدة أن علم الساعة عند الله وحده، وأن دور النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنذار وتبليغ الرسالة بوضوح. كلمة «نذير مبين» تبرز وضوح الرسالة وصدقها (تفسير السعدي، ص 812).
الآية السابعة والعشرون: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27)}
تصور هذه الآية حال الكافرين عندما يرون يوم القيامة قريبًا، فتسوء وجوههم من الخوف والندم. كلمة «زلفة» تعني القرب، وتشير إلى اقتراب العذاب الذي كانوا يستهزئون به، فيُواجهون حقيقة ما كانوا ينكرونه (تفسير ابن كثير، 4/418).
الآية الثامنة والعشرون: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)}
تتحدى هذه الآية الكافرين بسؤال: من سيحميهم من عذاب الله إذا أهلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو رحمهم؟ الجواب: لا أحد يستطيع حمايتهم، مما يؤكد أن النجاة تكمن في الإيمان بالله وحده (تفسير القرطبي، 18/225).
الآية التاسعة والعشرون: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29)}
تؤكد هذه الآية إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالله الرحمن، وتوكلهم عليه. كما تحذر الكافرين بأنهم سيعلمون يوم القيامة من كان في ضلال، مبرزة ثقة المؤمنين في هداية الله (تفسير الطبري، 23/18).
الآية الثلاثون: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30)}
تختم هذه الآيات بسؤال بليغ: إذا اختفى الماء وغار في الأرض، فمن يستطيع أن يأتي بماء جارٍ غيره؟ هذا يذكّر بقدرة الله المطلقة ونعمته في توفير الماء، ويدعو إلى الشكر والإيمان به (تفسير السعدي، ص 813).
أثر مؤثر من السلف: التوكل على الله
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لو توكلت على الله حق توكله لرزقت كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا». هذا الأثر يرتبط بآية «قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا»، إذ يحث على التوكل التام على الله الذي يرزق الخلق ويحميهم (ذكر في تفسير ابن كثير، 4/419).
خلاصة التدبر
-
علم الله الشامل: علم الساعة عند الله وحده، والنبي نذير مبين يدعو إلى الحق.
-
ندم الكافرين: يوم القيامة سيدرك الكافرون حقيقة ما استهزؤوا به، وسيسوء حالهم.
-
التوكل على الله: الإيمان والتوكل على الله هما سبيل النجاة من الضلال.
-
نعمة الماء: الماء نعمة عظيمة من الله تستوجب الشكر والتأمل في قدرته.
-
تحدي الكافرين: لا أحد يستطيع حماية الكافرين من عذاب الله أو توفير النعم غيره.
دعوة للتأمل
تدعو هذه الآيات إلى الإيمان بقدرة الله، التوكل عليه، والشكر على نعمه مثل الماء. انضم الآن إلى دورة تطبيق مصحف المدينة لتدبر سورة الملك في اليوم السابع، واستمر في استكشاف هذه الكنوز الإيمانية.