سُنّة مهجورة في الزواج!

سُنّة مهجورة في الزواج!
2025/11/04

من السُّنن المهجورة في الزواج، والتي باتت مستغربةً بين المسلمين: عرضُ الرجلِ ابنتَه أو أختَه على أهل الخير والصلاح من الأزواج الأكْفاءِ، وليس في هذا ما يعيبُه كما قد يراه كثيرٌ من المسلمين اليوم، فقد فعله كرامٌ أخيارٌ كما سترى!

يقول الله -جل ثناؤه- في سياق قصة موسى عليه السلام من سورة القصص:

 

﴿قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝٢٧ ﴾

قال القرطبي:

"فيه عَرْضُ الوليِّ ابنتَه على الرَّجلِ، وهذه سُنَّةٌ قائمةٌ؛ عرَضَ صالحُ مَدْيَنَ ابنتَه على صالحِ بني إسرائيلَ، وعرَض عمرُ بنُ الخطَّابِ ابنتَه حفصةَ على أبي بكرٍ وعثمانَ … الحديثَ. فمِنَ الحسَنِ عَرْضُ الرَّجُلِ وليَّتَه على الرَّجلِ الصَّالحِ؛ اقتِداءً بالسَّلفِ الصَّالحِ". [تفسير القرطبي (13/271)]

وقال الشوكاني:
«فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ عَرْضِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ لَهَا عَلَى الرَّجُلِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ فِي الْإِسْلَامِ» [فتح القدير (4/ 195)].

وبوَّب الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان: «بَابُ عَرْضِ الْإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ عَلَى أَهْلِ الْخَيْرِ» أورد فيه حديثَ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‌حِينَ مات زوجُ ابنته حَفْصَةَ، عرَضَها على كلٍّ مِن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وأَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنهما-؛ فأما عثمان فقد اعتذر له، وأما أبو بكرٍ "فَصَمَتَ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا" … يقول عمر: "فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ"... الحديث [أخرجه البخاري (5122)]

قال ابنُ حجر في شرح الحديث:

«فِيهِ عَرْضُ الْإِنْسَانِ بِنْتَهُ وَغَيْرهَا مِنْ مَوْلَيَاتِهِ عَلَى مَنْ يُعْتَقَدُ خَيْرُهُ وَصَلَاحُهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَعْرُوضَةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا اسْتِحْيَاءَ فِي ذَلِكَ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجًا» [فتح الباري (9/ 178)]

وقال ابنُ بطال:

«وفى حديث عمر من الفقه الرُّخصةُ فى أن يعرض الرجلُ ابنته على الرجل الصالح رغبةً فيه، ولا نقيصةَ عليه فى ذلك. وفيه: أن من عرض عليه ما فيه الرغبة فله النظر والاختيار، وعليه أن يخبر بعد ذلك بما عنده؛ لئلا يمنعها من غيره» [شرح صحيح البخاري (7/ 229)]

🌿 فما أجمل أن نُحيي هذه السنة بيننا؛ فعسى أن تكون سببًا لتيسير الزواج وإعفاف الشباب والفتيات!

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة