سورة المرسلات هي السورة السابعة والسبعون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فهي السورة الثالثة والثلاثون، وقد كان نزولها بعد سورة الهمزة، وقبل سورة ق، وهي مكية، أي نزلت بمكة، وعدد آياتها: خمسون آية.
وهي من المفصل الذي أوتيه النبي ﷺ نافلة ففضل به على سائر الأنبياء.
عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله ﷺ: (أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ) [صححه الألباني في صحيح الجامع (1059)]. والمفصل من القرآن يبدأ من سورة ق إلى آخر القرآن الكريم.
ومن فضائل سورة المرسلات وخصائصها أنها نزلت جملة واحدة.
عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه، قال: (بَيْنَما نحنُ معَ رسولِ اللهِ ﷺ في غارٍ بمِنًى إذ نزلَت عليه وَالْمُرْسَلَاتِ، وإنَّه لَيَتْلوها، وإنِّي لَأتَلَقَّاها مِن فيهِ، وإنَّ فاهُ لَرَطْبٌ بها) [أخرجه البخاري (1830)، ومسلم (2234)].
أي: لم يجف ريقه بها، والمعنى: أنه لم يمسك عن التلاوة لها بعد، ورطوبة الفم بها حركته للتلاوة، وهذا كناية عن سرعة أخذهم على الفور حين سمعوه وهو يقرأ ﷺ.
ومن خصائص هذه السورة أيضًا أن النَّبيُّ ﷺ قرأ بها في آخر صلاة صلاها بالناس إمامًا.
عن أُمِّ الفَضلِ بنتِ الحارثِ رضيَ الله عنها، قالَتْ: (سمِعْتُ النَّبيَّ ﷺ يَقرأُ في المغربِ بـ «الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا»، ثُمَّ ما صلَّى لنا بعدَها حتَّى قَبَضه اللهُ) [أخرجه البخاري (4429)].
وهي من السور التي شيَّبت رسول الله ﷺ.
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (شيَّبَتْني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتساءلونَ، وإذا الشمسُ كُوِّرَتْ) [صححه الألباني في السلسة الصحيحة (955)].
وتستهل السورة بقسم إلهي يؤكد على حتمية وقوع القيامة وما يصاحبها من أهوال، لتنتقل مباشرة إلى عرض الأدلة الكونية الملموسة: خلق الإنسان، رفع الجبال، وبسط الأرض، كبراهين دامغة على قدرة الله على البعث والإحياء بعد الفناء.
وبأسلوب حاسم، ترسم السورة صورة متناقضة للمصائر: فبينما يواجه المكذبون الجاحدون وعيدًا شديدًا ووصفًا مفصلاً لعذابهم الأليم نتيجة عنادهم وتعنتهم، تُكرم السورة المتقين بوصف بديع لنعيمهم الخالد وعاقبتهم الحسنى، مقدمة لهم جزاءً يليق بإيمانهم وعملهم.
تحدي التدبر:
لماذا كانت المرسلات من السور التي شيّبت النبي ﷺ؟
.....................
المصادر: تفسير ابن كثير- الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هُبَيْرة- إرشاد الساري للقَسْطَلَّاني.









